>< القدس فيـــ قلبي الحزيـــن

من طرف **همس الخواطر** الخميس يونيو 09, 2011 10:02 am

بسم الله الرحمن الرحــيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
و لا بد لليل أن ينجلي و لا بد للقيد أن ينكسر

القصص .. من ثم القصص .. فيها ما هو يتكلم عن الأساطير و فيها ما هو للفكاهة ... أما هذه لا هي تتكلم عن الفكاهة ولا عن الأساطير ....

تريدون أن تعلموا .... حسناً هيا بنا مع قصتي

^^القدس فيـــ قلبي الحزيـــن

المقدمة:
بلدتي يا عضو من جسدي يا جزء من فلسطين قلبي
السلام عليكم... أنا طفلة مثل طفلات العالم أحب وطني كثيراً و من دونه لا أستطيع العيش ..فهو عبارة عن الدم الذي يجري في جسدي .. عن الأحلام الجميلة في نومي عن الطعام و الشراب في أكلي .. عن العلم و الدراسة في مدرستي ... لا أنساه أبداً ففيه خلقنا و عشنا و تربينا منذ الصغر .. لكن وطني هذا ليس مثل أوطنكم فمن لم يعلم وطني لم يعلم الدنيا على حقيقتها ... ، لكن جاء شيء علينا و لم يذهب .. دخل علينا من دون طلب ، دخل علينا و هدم بيوتنا و دمر أحيائنا و سلب أراضينا ... عرفتموه ..ذلك الذي لطالما أخذ منا حقوقنا نحن الأطفال و حقوق آبائنا و أمهاتنا ... ذلك الذي يأخذ الفرحة من القلوب و يبدلها بالأحزان ...
أنه الاحتلال الإسرائيلي ... الذي بدأ يدخل من النوافذ بدلاً من الأبواب ... الذين قتلوا أخواننا و سجنوا آبائنا و اغتصبوا أمهاتنا ...لا أعلم من أين أتوا بتلك الصفات القاسية و السيئة... الذي جعل كلمة اللاجئين في معاجم اللغة العربية ... الذي لم يجعل عملاً قبيحاً يعتب عليه ...هو الذي دمر و قتل و نهب و اغتصب و جعل كلمة اللاجئين و ما زال يقول أن دولتي له .. هل هذا صحيح ؟ هل هذا صحيح ؟ لا ليس صحيح .. هذه دولتي و دولت أهلي و إخواني رغم أنوفهم إذا كان كلامي هذا تعتبروه كلام قبيح عليكم فأنا أتكلم الكلام القبيح أم تعتبروه المتكلم وقح و .. فأنا كذلك ... مهما تحدثتم ووعدتم و كذبتم فهذه ستبقى لنــا ... مهما تحدث فلن أنتهي لذلك سأقول قصتي التي جئت لأرويها على مسامعك و لتعلموا ما حصل لي....
و هذه تتحدث عن ما حصل معي و مع عاصمتي ..التي هي جزء لا يتجزأ من الرحلة الصعبة التي عشتها .... و كانت بعنوان أطلقته عليها و هو...
القدس في قلبـــــي حزيـــــــــــن ^^
و ما زال حزين حتى يذهب الإرهاب عنه

** ** **

القدس في قلبي حزين ^
" لا تذهب يا عزيزي"... طرقت تلك الكلمات مسامعي قمت مسرعةً دون أعطي نفسي لحظ لرؤية وجهي المشبع بالنوم أو حتى لآخذ نفسي...
ركضت عبر الممر الطويل فوجدت أبي يهم بالذهاب وأمي حزينة ... تبكي تشد أبي و تقف أمامه مانعةً إياه ...
فسألت أمي : لماذا تبكي ؟
فقالت : أبكي على القدس لأنها تحتل و بعد أيام ستخلو من أبناءها ...
شد انتباهي في هذه اللحظات صوت التلفاز فزعت لرؤية عصافير الحب والأمل تقتل على أيدي الصهاينة... أدمى قلبي ما رأيت و تكللت الأحزان برؤية أمي ما الذي يجري بنا ..
ودعت أبي قائلة له: أرجو أن ترجع لنا سالماً... و كذلك أمي فعلت ...
رجعت إلى غرفتي لكن جفاني النوم ولم يعد لي طعمٌ فيه, تقلبت في فراشي كثيراً و راودتني الكثير من الآهات آه و ألف آه... لماذا... لم هذا ؟ لماذا يريدون أن يأخذوا شيئاً ليس لهم يا الله ؟؟
عادت بي الذكريات يوم زرت الأقصى مع أبي فجأة وبدون سابق إنذار كأن عقارب الساعة رجعت إلى الوراء تسمرت في مكاني لا أذكر إلا تلك اللحظات لحظات الذل حين يتخبط الفلسطينيون على حواجز الإهانة و الذل ... حواجز العدو .
أتخيل لو أن هذه الأبواب تفتح عندما أقول " افتح يا سمسم " تلك الكلمات التي طالما فتحت اعتى الأبواب ...
أذكر تلك البيوت , كانت جميلة و فرحة إلا أنها تنغصها كلمات الاستهزاء علينا ...
عاصمتي يا عضو من جسدي لا استطيع إلا أن أحبك لا أتخيل إلا أمي الحنونة تفتح يدها لتضمني أنا و باقي أبناءها من عامت شعبي ...
أتخيلك متشحةً باللون القرمزي لون الدماء و الآهات لون المعاناة ...
... في اليوم التالي جاء أبي سالماً, كان فمه مليئاً بالكلام يريد أن يقوله لنا... فعندما أخذ نفساً ... و نحن في شوق معرفة أخبار القدس ويا ليتنا لم نعرف و بقيت في ذكرتنا كما هي في القديم ... لا أذكر ما قاله بتفصيل ... لكن أتذكر أنه قال : أصبحت حاجز ومن ثم حاجز لا تصلين إلى الأقصى إلا بعد المغرب ... وعندما وصل اندهش من غرابة المنظر ليست القدس التي كانت في نظره فكانت جميلة رائعة لا يستطيع وصفها ... , لكن لمحة البصر دمرت الأبنية و جرفت الأراضي وتشرد أبناءها إنها المذلة و المهزلة و ذل الكرامة إنه العذاب و الألم و الشقاء و الهوان ... كل ذلك معاً ...
هل صدقت ... لا لم أصدق أنه حلم بل كابوس ... كابوسٌ قذر ... هل في يومٍ تخيلت بأن سيأتي يوم و تأتي عاصفة تقتحم وطنك الحبيب و تسرقه ...لا والله كما جاءت تلك العاصفة القذرة ستذهب إن شاء الله ...
مرت الأيام ... وأصبح الجو أهدأ من الماضي قليلاً ...^^
لا أذكر بعد سنة تقريباً من قصف القدس ... سمعت صديقتي تتحدث عن رحلتها التي ستذهبها إلى قلبي الحزين , اقترحت علي يومها أن أذهب معها... وافقت وأنا راجية الله أن يوافقا والداي و أرى القدس كما كانت سابقاً جميلةً ... عندما وافقا والداي بصعوبة ... ذهبت لم يسمحوا لنا بالدخول إلا عند آذان المغرب ....
دخلنا الأقصى وصلينا و قرأنا القليل من القرآن ... لأنه لا يوجد وقت لكي نرجع إلى بيوتنا...رجعنا بعد آذان العشاء بقليل كما أذكر و وجدت باب بيتنا مكسوراً و جداره الأمامي شبه محطماً دخلت إلى أمي فارعة لأعرف ما حصل ؟
لكني رأيتها... ملقاةً على الأرض و الدماء تسيل من جسدها ولا أحد في بتنا.. , يا الله ما الذي حصل؟ أمي هنا تنزف .... وأبي لا أدري أين هو...
أين أنت يا أبي ؟ أمي يا أبي ... أمي يا أبي... ... أمي... أحبك يا أغلى من روحي ردي علي أرجوك يا نبض الحنان والأمان...
صحيح كنت لم أتجاوز السابعة من عمري لكني كنت و كأنني ناضجة و أعلم كل شيء.. أسرعت إلى سماعة هاتفنا ... لم أجده يعمل (هو نادراً ما يعمل .. ) ذهبت إلى بيت مجاور لنا و طلبت المساعدة... و طلبوا الإسعاف وجاءوا بسرعة كالصواريخ آخذين أمي التي دماءها قد أشبعت الأراضي بالصباغ الحمراء .. لكن الله أكبر _الصبر يآآ الله_ لم نستطع إنقاذ والدتي في الوقت المناسب... قد توفيت .. لا بل استشهدت و ذهبت إلى الحياة الأحلى ... ( كما أعلم )
أصبحت وحيدة مع ربي هو الذي يحميني من عذاب الدنيا ...^^
أصبح وجهي شاحب اللون .. لا أ>ري أين أذهب و أين أبحث عن أبي ... هل هو علم بما حصل .. أم هو لم يعلم .. أني مشتاق إليه كثيراً ...
وأًصبحت أنشد و أقول " أبي .. أخذوك ولم تقبلني قبلة واحده.. و لم تمسح دمع أمي المسكينة ... أبي .." ... و مضت الأيام و أنا انتقل من مكان إلى آخر ...
و بعد مرور أشهر و أنا تحت أشعت الشمس الغاضبة :
رأيت جريدة ملقاة على الأرض أخذتها لأحتمي فيها من حرارة الشمس فوجدت في إحدى صفحاتها قد كتب فيها إعلان عن بعض الذين قد سجنوا من وقت قريب و لم يتعدوا السنة في سجنهم..
لا أدري لماذا شدتني معرفة تلك الأسماء ... فوجئت باسم والدي من بينهم لا أصدق ... والدتي توفت ووالدي في السجن ... هل أنا أصبت بالحول .... أم هذا اسم والد ..آآآه إلى متى قلبي الصغير سيتحمل ...
قررت من بعد ذلك أزور والدي ... عندما ذهبت إلى السجن فوجئ والدي باستشهاد أمي و تألم أكثر ما تألم بوجوده في السجن ...
أصبح يقول : ما ذنب زوجتي الصامدة وما ذنب ابنتي التي تتعذب يوماً بعد يوم من سوء الحياة …

قلت له : لا تحزن يا أبي فالحياة بالحرية الصغيرة أفضل من الحياة دون حرية وسيأتي يوم ونأخذ الحرية الكبير إن شاء الله ولا تقول كذلك يا أبتي ... ماذا فعلت الخنساء _رضي الله عنها _ عندما استشهدوا أبناءها الأربع..إنها صبرت .. هيا لنفعل مثلها و نصبر...
لا أستطيع تذكر هذه الآلام عندما رأيت المكان الذي يعيش فيه أبي طوله أقل من متر و عرضه لا يتجاوز السنتمترات و الأكثر ألماً أن هناك يكون حاجزٌ بيني و بين والدي لا يستطيع أن يحتضنني فقط لمرة واحدة... أو يقبلني قبلة واحدة...
أبي يا أغلى الناس, يا أحن القلوب لا تحزن ستخرج من الزنزانة الغدارة أنت و أبناء أمتي المظلومين بإذن الله القوي العزيز لأنهم (غلطوا) لأن هذه الزنزانة ليست مكان لكم بل هو مناسب أكثر لهم ...
مهما فعلوا دائماً أقول :"ستبقى كلمة الله هي العليا و علم فلسطين المخضب بدماء سيقا يرفرف عالياً"...

أخوتي القارئون ... كنت أتمنى أن أقول كل شيء في قلبي عما جرى بنا لكن مثل ما تحدثت لكم سابقاً إذا إن أردت مواصلة كلامي ... سأبقى و لن أكملها أبداً... أتمنى أن تكونوا استمتعتم و جزآكم الله خيراً و دمتم سالمين .. و في طاعة الله ..

بس آخر شي أختم فيه قصتي و أريد أن تعلموه " أن أطفال , نساء , شباب , شيوخ , بنات , أولاد .. فلسطين كلهم رجـــــــــــال "

أدعية لنا و للمظلومين و للمقاومين متنمياً الدعاء من قلوبكم ~
"اللهم إفراج عن أسرانا اللهم احمي أهلنا و بلادنا... اللهم ارحم شهدائنا الله احمي إخوتنا المقاومين يا الله يا أرحم الرحمين أنت القوي ونحن الضعفاء ... أنت ربنا ونحن عبدك أنت العزيز و الغفور ... أنت القادر على كل شيء يا قوي يا جبار اللهم أجب دعائنا يا رب العــــــــــــــــــــــالمين يا الله..."

الختام :
هــــــــذه القصة تتكلم عن حياة الفلسطينيين عن شقائهم... وهمومهم و أيامهم الصعبة التي أمضوها من دون مأوى و أكبر دليل حديث على ذلك الذي حدث مع أهلنا في غزة و نحن هنا في الضفة ... يريدون أن يأخذوا الحرم الإبراهيمي الذي لطالما كنا نذهب إليه للعبادة ... ونتمنى أن تنال إعجابكم مع تحياتي...
أتمنى أن التقي معكم في قصة تكون مفرحة عن تحرر بلادي ... الذي هو جسدي فلا أستطيع التحرك و الجلوس و الارتياح إلى إذا تحرر من هذه الأيادي ..
إلى اللقاء ... لا تنسوا أن تدعو لنا